أرشيف

اسحبوني بدلا عنها

في خطوة هي الأولى من نوعها عرض الكاتب والسجين السياسي السابق غسان النجار نفسه على السلطات السورية مقايضة عن المعتقلة فداء أكرم الحوراني، رئيسة المجلس الوطني لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي. وأبدى النجار استعداده لدخول السجن مقابل إطلاق سراح الحوراني. 

 فداء الحوراني واعلان دمشق-ح.م.

في مقال نشرته العديد من المواقع والصحف السورية المعارضة والمستقلة  بعنوان " واإسلاماه.. واعرباه.. وامعتصماه"  كتب  النجار ، وهو في الـ 70 من عمره:

" إن سيّدة مثقّفة ومناضلة مثل الدكتورة فداء الحوراني، تئن تحت عذابات المرض وقهر السجون منذ ثلاثة شهور.

وقد طرد زوجها الدكتور العربي الفلسطيني غازي العليان خارج الحدود.

لا يسمع أحد حشرجتها أو أنينها ولا زئيرها!! وفي هذا المقام فإنني أعرض على أجهزة النظام الأمنية تقديم نفسي مقايضة عن السيّدة الفاضلة الدكتورة فداء الحوراني – رئيسة المجلس الوطني لتحالف إعلان دمشق – وتسليم نفسي مقابل إطلاق سراح الأسيرة المريضة، وذلك كي لا يذكر التاريخ يوما بأن شعب سورية الأبيّ قد عقم من أصحاب الشهامة الأحرار وهو لا يستجيب لنداء الحرائر من النساء.

إن المعتصم – الخليفة العباسي – إذ بلغه نداء المرأة الحرّة في عمورية (وامعتصماه) وقد أسرها جنود الروم، أجابها على الفور "لبيك يا أختاه، وأرسل جيشا جرّارا حرر المرأة العربية وأنقذها من الأسر والمهانة".

غسان النجار أكد لمنصات أنه صادق في طرحه وعزمه على مقايضة نفسه بالدكتورة فداء وأضاف " مستعد أن أجلس مكان الحوراني في السجن ، فهذا شرف لي . ونحن كمجتمع شرقي لا نقبل أن تمكث امرأة في السجن دون مساعدة أحد ".

وأكمل " لقد شعرت بموقف مؤسف لأن المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لم تفعل شيئا حتى الآن، ولم تستطع مساعدتها . أنا عضو أمانة المكتب وهي رئيسة المجلس الوطني لإعلان دمشق. ولكن لماذا يحملون هذه المرأة المسؤولية أكثر من الآخرين ؟ "

وأضاف "طرحت هذا الكلام منذ عدة أيام لكنه لم يعد مقبولا الآن، بسبب تحويل لائحة الاتهام لفداء وبقية المعتقلين من المجلس الوطني لإعلان دمشق إلى قاضي الإحالة والأمر الآن بيد القضاء".

وحول استجابة السلطات السورية لهذا الطرح  قال النجار "انتشر الخبر في أغلب المواقع التي نتمنى أن تكون جريئة أكثر من ذلك ، لكن لم يكن هناك استجابة من السلطات ، رغم أن الحوراني تعاني من أمراض كلوية ونسائية وارتفاع في ضغط الدم ، وقد بقيت فترة في المشفى لكنها الآن حولت إلى سجن دوما ".

وتابع بأنه يعتقد  أن هناك قابلية للإفراج عنها حتى لو بمبادرة من السيد الرئيس.

كان المهندس غسان النجار، وهو من مواليد حلب ، قد سجن منذ عام 1980 حتى  1992 لمطالبته بالإفراج عن سجناء الرأي وإلغاء المحاكم الاستثنائية وقانون الطوارئ وإطلاق الحريات العامة.

النجار هو عضو جمعية حقوق الإنسان السورية، يكتب بشكل دائم في الصحف و المواقع الالكترونية السورية  حول الإصلاح السياسي والاقتصادي وتتسم مقالاته بالاعتدال والمعارضة السلمية .  وقد انتخب للأمانة العامة لإعلان دمشق في اجتماع الدورة الأولى من المجلس الوطني لإعلان دمشق.

لنقابي متزوج وأب لأربعة أولاد، يعاني من عدة أمراض ( قرحة معدية – تضخم بروستات ، وآلام واضطرابات في العمود الفقري ، إضافة لمرض القلب ) وذلك نتيجة لما تعرض له من معاناة شديدة في المعتقل، إلى أن نقل لمشفى المواساة بدمشق.

وقد أطلق سراحه عام 1992 بعد أن قادت لجنة العفو الدولية حملة قوية للإفراج عنه .

الجدير ذكره هو أن الدكتورة فداء اعتقلت منذ نحو أربعة أشهر على خلفية انتخابها رئيسة للمجلس الوطني لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي يوم 1/12/2007.

الحوراني من مواليد دمشق 1956 و ربة أســرة متزوجة من الدكتور الفلسطيني غازي العليان الذي  أبعدته السلطات السورية خارج الحدود إلى الأردن دون ذكر الأسباب .

وهي ابنة السياسي الراحل أكرم الحوراني مؤسس الحزب العربي الاشتراكي، الذي تحول فيما بعد إلى (حزب البعث العربي الاشتراكي)  بعد أن توحد مع حزب البعث بزعامة ميشيل عفلق وصلاح البيطار.

تحمل الحوراني  إجازة في الطب البشري من جامعة بغداد، اختصاص نسائية وتوليد عام 1982.

كانت تدير مشفى الحوراني الذي أسسته بحماه  قبل اعتقالها.

لها دراسة حول النظم الدستورية في سوريا منذ الخمسينات حتى السبعينات.والعديد من المقالات حول القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية .

اعلان دمشق والحملة الشرسة

يمر إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي  هذه الأيام بأزمة معقدة تتداخل فيها العديد من العوامل والاعتبارات التي لايمكن تلخيصها بعدة أسطر ، ولكن يمكن القول إن الأزمة بدأت تتجلى بوضوح بعيد  الاجتماع الأخير للمجلس الوطني الموسع لإعلان دمشق في دورته الأولى يوم السبت  1/12/2007 الذي خرج ببيان ختامي وصفه البعض بأنه ناقص وغير واضح المعالم ،بالنسبة للعديد من النقاط التي تتعلق بالتغيير  والديمقراطية والمواطنة  والموقف من القضايا الإقليمية والدولية ، ومدى الرهان على المتغيرات الدولية في عملية التغيير  .

بعيد هذا الاجتماع  تعرض الإعلان لضربة قاسية تمثلت  بتجميد بعض الأشخاص والتيارات لعضويتهم داخل المجلس : حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي الذي يترأسه المحامي حسن عبد العظيم ، و شخصيات مستقلة مثل  ماجد حبو وهيثم مناع وناصر الغزالي ،ثم الخلافات والاتهامات المتبادلة بين تيارات ليبرالية ويسارية وشخصيات مستقلة ، واتهام الليبراليين بالسيطرة على المجلس والاستقواء بالخارج….الخ.

ثم وفي ذكرى يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعرض الإعلان لحملة اعتقالات عنيفة طالت قيادات وأعضاء المجلس الوطني لإعلان الذين يواجهون الآن تهم تتعلق بالنيل من هيبة الدولة والانتساب إلى جمعية سرية تهدف إلى تغيير كيان الدولة.

هذه الحملة  شملت العشرات من أعضاء المجلس الوطني لإعلان دمشق وناشطين سياسيين وحقوقيين ، أفرج عن معظمهم ، فيما بقي رهن الاعتقال كل من  الدكتورة فداء أكرم حوراني – د. أحمد طعمة – الدكتور وليد البني – مروان العش – أكرم البني – علي العبد الله  – محمد حجي درويش – الدكتور ياسر العيتي – جبر الشوفي – رياض سيف – فايز سارة وأخيرا  الفنان التشكيلي طلال أبو دان .

حولت السلطات هؤلاء فيما بعد من المراكز الأمنية إلى سجن عدرا بدمشق  باستثناء الحوراني التي نقلت إلى سجن النساء بدوما،  ليمثلوا أمام القضاء حيث وجهت إليهم تهم تتعلق بالنيل من هيبة الدولة والانتساب إلى جمعية سرية تهدف إلى تغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي و إثارة النعرات الطائفية والمذهبية ونشر أخبار كاذبة و تجمع غير مرخص ، استنادا إلى  المواد 285-286-306-307-327 من قانون العقوبات السوري .

لكن المعتقلين أنكروا التهم الموجه ضدهم ، واعترفوا بأنهم  وقعوا على الضبوط الأمنية دون الاطلاع على مضمونها ، مؤكدين أنهم مع التغيير الديمقراطي ضمن الثوابت الوطنية

زر الذهاب إلى الأعلى